5‏/4‏/2012

أمان ولا خوف



ما المقصود بالشعور بالأمان؟ هل هو احتياج فطري أم ميزة؟ أم شعور تلقائي من داخل الشخص بغض النظر عن الظروف المحيطة؟

ايه اللي بيخوفنا؟ ولحد فين ممكن الخوف يبقى مقبول و ما يوصلش لدرجة إنه عائق بيخلينا مش قادرين نعيش و نستمتع بحياتنا؟

كل شخص بيشوف الأمان من وجهة نظر مختلفة عن الآخرين. فيه اللي شايفين إنه مش بيتحقق إلا في أحضان الأحباب المليئة بالحنان و الثقة مثل الطفل الرضيع الذي لا يستكين ولا يطمئن إلا عندما تحتضنه أمه. وفيه اللي بيشوفوه في الناس و التجمعات يعني ونس و عزوة و فيه بيشوفوه في القدرة على الاستغناء عن الناس و عدم الاحتكاك بيهم قدر المستطاع لأننا ما نعرفش نويا الناس و الناس اتغيرت و صعب نثق في الآخرين و فيه شايفين إننا مش عايشين في غابة و طالما ماشيين بمبدأ ( حرص و ما تخونش ) يبقى ما نخافش من حاجة.

أنا شخصيا مش باحس بالخوف بسهولة ومعنديش مشكلة أروح مكان معرفوش و أقابل ناس لأول مرة و أعمل حاجة معملتهاش قبل كدة ، و بافترض الطيب في الناس رغم ما أسمعه من حوادث و بلطجة و مشاكل من سرقة و خطف و خلافه كل يوم في كل مكان بغض النظر عن مكان هادئ ولا ملئ بالناس ، بالليل ولا بالنهار.
لأني شايفة إنه ما ينفعش خوفي يشلني و يخليني مش قادرة أعيش حياتي و أتحرك بحرية و أبقى باشك في صوابع إيدي و افترض إن كل إنسان هاقابله إما بلطجي أو حرامي.

طبعا كثيرون يتهمونني بالتهور و اللاعقلانية وعدم الشعور بالمسئولية لدرجة إني شخصيا بدأت أشك في قناعاتي. هل من التهور عدم السماح لمخاوفي أن تقيد حركتي و تمنعني من ممارسة أبسط أنشطة حياتي بشكل طبيعي؟
هل من العقلانية افتراض سوء النية دائما في الآخرين بغض النظر عن أي اعتبارات مثل حيوية الاحتكاك بهم و حتمية المواقف التي تجمعنا بهم مثل سائق التاكسي، البائع في أي محل، فتى توصيل الطلبات من الصيدلية أو السوبر ماركت، محصل الكهرباء أو الغاز وحتى البواب و الخادمة؟

هناك أشخاص يعتبروا أن الشعور بالأمان أو الاطمئنان من وجهة نظرهم لها الأولوية الأولى بغض النظر عن الشعور بالخنقة و العجز عن ممارسة الحياة بشكل طبيعي ، و مبررهم أن هذه المشاعر السلبية أخف وطأة و أهون من أن يغامروا بأن يصيب من يحبون أي مكروه أو ضرر أو حتى فقدهم في حادث أو ما شابه.

بالطبع اجتماعهم مع من هم على شاكلتي يجعل الصدام حتمي ولا مفر منه. ويصبح الحوار عقيما لا جدوى منه. فلن استطيع إقناعهم أن الحذر لا يمنع قدر و المطلوب بعض الشجاعة و التوكل على الله فهو الحافظ أولا و أخيرا. ولا هم يستطيعوا إقناعي بأن المبالغة في القلق و الخوف واتباع مبدأ ( ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة )و ذلك بالامتناع عن الاحتكاك بالآخرين الغرباء إلا في أضيق الحدود هو التصرف الأمثل لضمان الشعور بالاطمئنان  و تحقيق الأمان.

في النهاية أتساءل من الصائب و من المخطئ؟ هل بالفعل أصبحنا نعيش في غابة وعلينا إتباع كل احتياطات الأمن؟ أم حياتنا لا زالت بها شهامة و آخرين يستحقون الثقة؟

0 التعليقات: